الخميس، 2 مايو 2019

نظم التعليم في العالم الإسلامي

في هذا الرابط
 دراسة لبعض أنظمة التعليم في العالم الإسلامي المعاصر في ضوء أسلوب تحليل النظم
إعداد طلاب الدكتوراه بجامعة أم القرى
إشراف فضيلة الدكتور / صالح بن سليمان بن مطلق البقعاوي
أستاذ التربية المشارك بجامعة أم القرى
نظام التعليم في الأردن - عيسى الفيفي.
نظام التعليم في قطر - عيسى الفيفي.
نظام التعليم في تركيا - عطية الغامدي.
نظام التعليم في ماليزيا - عطية الغامدي.
نظام التعليم في تونس - أحمد مشرعي.
نظام التعليم في السودان - أحمد مشرعي.
نظام التعليم في الجزائر - أحمد الشهراني.
نظام التعليم في نيجيريا - أحمد الشهراني

السبت، 27 أبريل 2013

أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها الأسرية



الموضوع : أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها في الأسرة .
التاريخ : الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 1433هـ - 1434 هـ  .

المستخلص
   استهدفت هذه الدراسة إبراز أداور الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الخلفاء الراشدين ووضع تطبيقات لها في الأسرة, وقد تناول الباحث في المبحث الأول ترجمة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من خلال الوقوف على اسمها وكنيتها ونسبها وزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى حياتها ومواليها وبعض مناقبها في الإسلام  باستخدام المنهج الوصفي الوثائقي , ثم انتقل إلى المبحث الثاني الذي عرض فيه أهم أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الخلفاء الراشدين باستخدام المنهج الاستنباطي والتي تنحصر في خمسة ( الشعور بأهمية التربية , الاعتناء بالنظام , السعي لزيادة الخبرة التربوية , الاعتناء بالحاجات , الحرص على التوافق ) , ملحقة بتطبيقاتها التربوية في الأسرة .
   توصل الباحث من خلال بحثه إلى جملة من النتائج كان من أبرزها دور الأمومة التربوي الذي تبوأته الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها مع مجتمع عصر الخلفاء الراشدين .
    ختم الباحث بحثه بجملة من التوصيات والمقترحات التي تحث على دراسة أوسع لأدوار الأم التربوية التي قمن بها أمهات المؤمنين رضي الله عنهن مع عصر الخلافة الراشدة .




المستل ( المستخلص) ................................................... أ
المحتويات ................................................................ ب
الفصل الأول : الإطار العام (مدخل الدراسة) .
مقدمة .......................................   ........................... 2
مشكلة البحث ............................................................. 6
أهمية البحث .............................................................. 8
أهداف البحث ............................................................. 9
أسئلة البحث ............................................................... 9
منهج البحث .................................................................... 10
الخطوات الإجرائية ............................................................. 10
حدود البحث ..................................................................... 10
مصطلحات البحث................................................................ 11
الدراسات السابقة ................................................................13
التعليق على الدراسات السابقة ................................................ 14

الفصل الثاني : ترجمة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها .
التمهيد ................................................................ 16
اسمها وكنيته.......................................................... 16
نسبها .................................................................. 16
نشأتها ...............................................................  17
زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم.............................  17
حياتها ................................................................. 17
مواليها ...............................................................  18
مناقبها وفضلها رضي الله عنها......................................  18

الفصل الثالث : أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها في الأسرة
تمهيد ................................................................... 22
أولاً / الشعور بأهمية التربية ......................................... 22
ثانيا / الاعتناء بالنظام ................................................ 24
ثالثا / السعي لزيادة الخبرة التربوية ..............................   25
(أ‌)   القراءة ...............................  25
(ب‌)  استثمار اللقاءات ...................... 26
(ت‌) الاستفادة من التجارب .................  27


رابعاً / الاعتناء بتلبية الحاجات .........................................   28
1)   الحاجة إلى الثقة ...................................................  28
2)   الحاجة إلى الاستطلاع ...........................................  30
3)   الحاجة إلى العدل .................................................  31
خامساً / الحرص على التوافق ...........................................  32

الفصل الرابع : النتائج والتوصيات .
النتائج ........................................................................................ 35
التوصيات  ..................................................................................... 36

قائمة المراجع والمصادر ................................................... 37 



الفصل الأول
الإطار العام

مقدمة

   الحمد لله الذي خلق الإنسان , وعلمه الحكمة والبيان , والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير وعلى آله وصحبه أجمعين , اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
    أما بعد , فإن الحديث عن التربية ليس بقريب عهد , وذلك لأهميتها الكبيرة في بناء الشعوب والأمم , ولدورها البارز للمحافظة على هوية تلك الشعوب في ظل التحديات التي تواجه عصرها , وعلى مر العصور نجد الكتابات عنها كانت من منطلقات فكرية اجتماعية دينية , و من الأمور التي اجتمع عليها المربون إقرارهم بأهمية التربية بوصفها عاملا رئيسا في توجيه الأفراد نحو أهداف المجتمعات .
    ولما كان للتربية الإسلامية مبادئها و منطلقاتها الخاصة والتي لا تتنازل عنها مهما كان الأمر ,  لكونها هويتها الحقيقية كان لابد لمن تحدث عن التربية من منظور إسلامي أن يتقيد بها وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح رحمهم الله .
  وتحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية ، ويبدو ذلك من خلال أمور منها أنها قلب الأسرة النابض , ومكان سكنى الزوج والأبناء , وتبعا لهذا فإن إبراز دور الأم التربوي والعوامل التي تساعد على إظهار ذلك الدور بوصفها وظيفة من أهم الوظائف بل هي أهم ما يجب أن تتقنه المرأة , والأمور التي تعيقها عن أداء وظيفتها تلك يعد موضوعا جديرا بأن يهتم به كل من يعنيه أمر التربية والنشء ومستقبل الأمة.
   و مما هو معروف بالبديهة أن الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم تتخذ أهميتها من كونها هي لب العمل الوظيفي الفطري الذي يجب أن تتصدى له المرأة ، وهذا يعني ضرورة أن تسعى الأم إلى ممارسة دورها بشكل يحقق نتائجه التي يأملها المجتمع ، وهذا يعني أيضا ضرورة إعداد المرأة الأم لأداء ذلك الدور قبل مطالبتها بنتائج فعالة ([1]) .

       ويمكن عرض الجوانب التربوية التي تشملها المهمة التربوية للأم  كما أشارت إليها أفراح الحميضي :
1-    التربية العقائدية:
   لا تتمكن الأم من القيام بتلك المهمة ما لم تكن معدة لهذا الأمر من خلال علم شرعي يعينها على أداء هذه المهمة ، ولا يعني هذا أن تتوقف المرأة عن ممارسة ذلك حتى تكون طالبة علم , إن على الأم معرفة الأساسيات التي لا يقوم دين العبد إلا بها كأصول المعتقد وما تشمله من أصول الإيمان، وأقسام التوحيد وشروط لا إله إلا الله ونواقض الإسلام، وأقسام الشرك والكفر وأنواع النفاق، كما أن عليها معرفة الحلال والحرام خاصة ما استجد في هذه الأزمنة من مستجدات أوضح العلماء حكمها , إن دور المرأة الأم هو قيادة قاطرة التربية في أرض مليئة بشوك الشبهات المضلة، والشهوات المغرية، والفتن السوداء , على المرأة الأم أن تدرك أن منهج تربية النشء في الإسلام يقوم في أصوله وأساساته على مرتكز الإيمان بالله وحده، وهو منهج متوافق مع نظرة الله التي فطر الناس عليها , قال صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ) ([2])
   ومهمة المرأة الأم في هذه الأمور واضحة؛ فهي من يشربه عند نطق الحروف الأولى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ثم هو يراها نموذجا قائما أمامه يحاكيه ويقلده حين تكون كل حركاتها وسكناتها تهدف إلى تأكيد معنى كلمة الإخلاص  .

2-    التربية السلوكية:
   بتأكيد أهمية البيت في تبني السلوكيات الطيبة تتضح مسؤولية ما تقوم به المرأة في تفعيل دورها العظيم في زرع هذه السلوكيات ، وقلع أي سلوك سيئ ينشأ في حديقتها التربوية حيث رعيتها الصغيرة، وتهذيب أي سلوك ينشأ منحرفا عن مساره.
   وفي مقابل غرس السلوكيات الحسنة كان إهمال أي سلوك يأخذه الطفل من البيئة المحيطة يعني تشربه السلوكيات الخاطئة واستنكاره أي نصيحة مقومة له , وغالبا ما يأتي الإهمال من قبل الوالدين جميعا أو باتكال أحدهما على الآخر، أو كما قال ابن القيم: " وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء " ([3]) .
   ولهذا أيضا كانت المنهجية التربوية الإسلامية تعتمد على مراقبة سلوك الطفل وتصرفاته وتوجيهه في حينه إلى التعديل المناسب لذلك السلوك مهما كان ذلك السلوك حقيرا أو عظيما.

3-    التربية النفسية :
      تعتمد تلك المهمة على إقرار حقيقة في الصحة النفسية هي أن العطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة النفسية لدى الأفراد؛ فينشأ الأطفال ويشب النشء وهم مترفلون بهذه الصحة؛ ولهذا فقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الحنان في نساء قريش بقوله: (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِه ِ) متفق عليه  .
   وهذه التربية النفسية لا تتأتى فقط بما تمنحه الأم من رعاية وحنان وعطف جبلت النساء عليه، وإنما لا بد من تعاضد الوالدين جميعا في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة ينشأ فيها الطفل متزنا واثقا من نفسه؛ إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة والمشاحنات بين أفراد الأسرة وبخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، وثبت أيضا أن أغلب الأمراض الخلقية مثل الأنانية والفوضى وفقدان الثقة بالنفس وعدم الإحساس بالمسؤولية إنما تبذر بذرتها الأولى في المنازل، وأن من الصعوبة على المدرسة والمجتمع استئصال تلك الأمراض إذا تأزمت وتمكنت في نفس النشء أو الأطفال  .
   ويمتد أثر إستراتيجية التعامل مع أبنائهن إلى مستويات المعرفة لديهم , " فالأمهات اللاتي سلوكهن نحو أطفالهن في مرحلة ما قبل المدرسة متجاوب مع احتياجات الطفل ومتقبل لها، متسامح، غير عقابي، وغير مسيطر يكون لديهن أطفال ذوي مستويات مرتفعة من التعاطف المعرفي والسلوك الاجتماعي الإيجابي بمعني أن التعاطف المعرفي والسلوك الاجتماعي الإيجابي دالة لأساليب المعاملة الوالدية الإيجابية القائمة على التقبل، التواد، الدفء، التسامح " ([4])

4-    التربية الجسمية:
   تبدأ تلك التربية منذ وقت مبكر حين تركز المرأة عنايتها بما خلق في رحمها من خلال اهتمامها بالتغذية والراحة، ثم تستمر تلك التربية بعد الولادة حين يضع المنهج الإسلامي مسألة الرضاعة وتغذية الرضيع من المسائل الأساسية التي تكلف بها المرأة. قال الله تعالى : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) {البقرة: 233}.
   ولكي تمارس الأم ذلك الدور لا بد أن يكون لديها وعي تام بأهمية هذا الجانب التربوي المعتمد على الثقافة الصحية المتوازية مع التطبيق العملي لهذه الثقافة.
   ولقد اختص الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بزوجات له في الدنيا والآخرة , كن نعم الزوجات بلغن منزلة في الدين والتقوى والعلم لا تكاد تصل إليها امرأة في الإسلام كيف لا وفي بيوتهن كانت تتلى آيات الله والحكمة , وشهدن تنزل الوحي , والتطبيق العملي للإسلام من مصدري التشريع ( الكتاب والسنة ) .

    ومن أمهات المؤمنين اللاتي عاصرن النبوة والهجرة وتنزل الوحي , وعاصرن عهد الخلافة الراشدة , وكان لها دور كبير في الأحداث التي عصفت بالأمة , بل قل أن تطلع على حدث من الأحداث التاريخية التي حصلت في تلك الفترة المباركة إلا وتجد لها أثر مباشر أو غير مباشر , الصديقة بنت الصديق , أم عبدالله وأم المؤمنين جميعا , عائشة رضي الله عنها وأرضاها , فقد كانت مرجعية للنساء والرجال في عهد الخلفاء الراشدين , قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (ت 852هـ) في فضلها : " فأكثر الناس الأخذ عنها ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئا كثيرا حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها رضي الله عنها " ([5]) .

    لقد كانت من أفقه الناس , ومن أكثرهم رواية للحديث , ومع منزلتها العلمية لم تكن بعيدة عن مجتمعها , فالكل يرى أنها أم له , وكانت هي كذلك , فبرز لها أدوار تربوية متأصلة بمنهج النبوة , متوشحة بوشاح الأمومة , متوسعة في جميع المجالات سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو علمية , تخص الفرد والمجتمع عقديا وسلوكيا ونفسيا وجسميا , كان لزاما على الباحث إبراز تلك الأدوار , والوقوف على عتباتها , والتدبر فيها , سائلا الله العون والسداد , والتوفيق والرشاد , والله المستعان وعليه التكلان .





مشكلة البحث
   في ظل التحديات المعاصرة التي تواجهها مؤسسات المجتمع كالأسرة والمدرسة والتي من شأنها التأثير على أفرادها ومنسوبيها كان من الواجب على المهتمين بالتربية سواء الوالدين أو المعلمين أو غيرهم من رسم منهج متكامل يحقق مفهوم التربية في جميع جوانبها(الإيمانية والجسمية والأخلاقية والنفسية والتعليمية والاجتماعية ) بما يوافق منهج التربية الإسلامية ويحقق أهدافها .
و المرأة بوصفها أما تحتمل أدوارا تربوية عظيمة وقد تجد في ظل التحديات المعاصرة عوائق تحول بينها وبين تحقيق أهدافها التربوية مما يعطل تلك الأدوار عن أداء مهمتها بفعالية ، ومما يعيق المجتمع عن الحصول على ثمار يانعة معوقات من الممكن حصرها في :
1 - معوقات ذاتية منها :
- قصور في الإعداد النظري للمرأة لممارسة دورها التربوي.
- قلة وعي المرأة بأهمية دورها التربوي وأهمية ناتجها على المجتمع.
- إشغال الأم أو انشغالها بممارسات ثانوية تعطل وظيفتها الأساسية كانشغالها بوظيفة خارج المنزل.
2 - معوقات خارجية منها :
- الاعتماد على شخصيات بديلة تمارس دور الأم كالمربية الخارجية والخادمة، ويتأتى ذلك الاعتماد السلبي حين تعتقد الأم أن التربية عبء لا ناتج له معطل لقدراتها.
- تشجيع وسائل الإعلام المرأة للخروج من المنزل وممارسة أدوار بديلة لدورها الأصلي الأساسي، بل الدعاية لتلك الأدوار والوظائف واعتبارها خدمات أولية تقدمها المرأة للمجتمع تفوق في ناتجها دورها التربوي، وهذه الدعاية ساهمت في صرف المجتمع عن تأكيد دور الأم المربية إلى تشجيع دور الأم العاملة أو المرأة العاملة؛ وذلك بتشجيع تأخير الإنجاب.
- عدم قيام المؤسسات التعليمية بأدوارها في إعداد المرأة الأم وتشجيعها لممارسة دورها التربوي إضافة إلى ازدحام قائمة المناهج الدراسية بمواد بعيدة الصلة عن الحاجات الفعلية للمرأة مما يترتب على ذلك عدد من النتائج أبرزها طول فترة اليوم الدراسي باعتبارها أول تلك النتائج، وثانيها طول فترة المرحلة الدراسية، ثم ثالثها ضعف إعداد المرأة تربويا، وتبعا لذلك فقد تتأخر المرأة أو تتعطل في أداء دورها التربوي ([6]).
   ولكي تتمكن المرأة المسلمة من مواجهة تلك التحديات لزمها أن تتبع نماذج رائدة في مضمار التربية تسير على نهجهم ومنوالهم مما يحقق أهدافها التربوية ويعطي أدوارها فاعليتها المرجوة , ولن يكون هناك في الأمة الإسلامية نماذج أرقى وأسمى وأعظم من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن , فقد رسمن منهجا واضحا جليا للمرأة المسلمة يعينها بإذن الله على تحقيق تلك الأهداف سواء كانت زوجة أو أما أو أختا أو بنتا .... ألخ.
   إن دراسة هذه الأدوار والجهود التي قمن بها رضي الله عنهن وأرضاهن وإعطاء تطبيقات تربوية معاصرة لهذه الأدوار يعد إعداد في حد ذاته لأن يكون البيت المسلم بأكمله صورة مصغرة من بيت النبوة , مما يعيد للأمة قوتها التي كانت عليه في زمن النبوة وفي زمن الخلفاء الراشدين , بعيدا عن التأثيرات والتحديات المعاصرة والتي تحاول بدورها طمس بعض تلك المعالم والملامح لأدوار المرأة المسلمة , لأن " الأم المعاصرة  تفتقد في وقتنا الحاضر إلى إعدادها إعدادا متكاملا من جميع الجوانب الشخصية " ([7]).
   ومن هنا جاءت قصت هذا البحث أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها في الأسرة .
   أحب الباحث أن يقف هذه الوقفات مع أمه وأم المؤمنين , الصديقة بنت الصديق , بنت أبي بكر كما كان يدعوها صلى الله عليه وسلم , ليستقى حكايتها , ويسبك صورتها من مصادرها التي تناولتها وتحدثت عنها .









أهمية البحث
تنبع أهمية الدراسة من المحاور التالية :
-         أهمية العملية التربوية ذاتها : إن هدف التربية العام هو تنشئة الفرد وتنميته في جميع المجالات ليكون عضو صالح في مجتمعه ، تنشئة تجعله قادرا على فهم ثقافة مجتمعه , يأتي هذا البحث ليغرس غرسه ضمن ركب العديد من الجهود التربوية الأخرى فهي عملية تكاملية يشترك فيها جميع الأطراف .
-         أهمية المنهج  :  وذلك بالنسبة للفرد والمجتمع عامة وللمرأة خاصة , فهو يعد ضرورة من ضرورات الحياة تحافظ به الإنسانية على أن تبقى وتتطور , في إطار محكوم بالتراث الثقافي الذي خلفته الأجيال في أمة من الأمم ، مما يساعد أفراد مجتمع من المجتمعات لمواجهة التحديات التي تواجهه في عصر من العصور ,يأتي هذا البحث ليرسم منهجا للمرأة المعاصرة في أدوارها التربوية  من خلال تسليط الضوء على الأدوار التي قامت به المرأة المسلمة الأم في عصر الخلفاء الراشدين والمتمثل في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
-         أهمية التراث الإسلامي : وما احتواه من فكر تربوي وآراء وقيم ومبادئ من شأنها بيان أصالة الفكر الإسلامي , وسوابقه الرائعة في مجال التربية والتعليم , بالإضافة إلى حفظ حقوق المسلمين في ما توصلوا إليه مسبقا .
-         أهمية دراسة الجذور التاريخية للقضايا والمشكلات التربوية و الاجتماعية المعاصرة : وذلك من خلال أسلوب التحليل التاريخي مما يساعد في رسم تصور متكامل لتطور الفكر التربوي على مر العصور و في استشراف المستقبل بصورة جيدة من خلال الخطط المبنية على توقعات صادقة ناتجة عن هذه الدراسات .
-          أهمية الدعوة للإسلام : من خلال توضيح الصورة المشرقة له و الرد على الشبه والاتهامات الباطلة التي يكتبها ويقذف بها أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم , كفرية المستشرق الفرنسي كاراديفو حينما قال (أن الإسلام لم يهتم بأمر الطفل) , ففي هذه الدراسة دفاع عن الإسلام الذي هو دين العلم والعمل والعقدية والعبادة , ودفاع أيضا عن المرأة المسلمة التي حثها الدين الإسلامي القويم لأن تسمو بنفسها وقيمها وأخلاقها , وبذلك يكون لها دور فعال في بناء المجتمع .
-         أهمية منزلة عائشة رضي الله عنها في الإسلام : إن إبراز الشخصيات التربوية الإسلامية , ودراسة العوامل التي كان لها الأثر الكبير في فكرهم التربوي سواء كانت عوامل زمانية أو مكانية أو اجتماعية أو غيرها يعد موضوعا بالغا في الأهمية ,  ومن هذه الشخصيات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن فإن سيرتهم العطرة المشرقة لم تنل حقها في الدراسات التربوية والأكاديمية , خاصة وأنهن كن أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهن آل بيته وحبه عليه الصلاة والسلام .


أهداف البحث
   يمكن حصر أهداف البحث في النقاط التالية :
1)    إبراز أدوار الأم التربوية التي قامت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, مما يوضح منزلتها التربوية في عصر الخلفاء الراشدين .
2)    وضع منهج للمرأة المسلمة تسير عليه في ظل التحديات المعاصرة , مما يجعل أدوارها التربوية أكثر فاعلية و يحقق أهدافها الإسلامية .

أسئلة البحث
   تدور أسئلة الدراسة حول سؤال رئيسي وهو :
·        ما أداور الأم التربوية التي قامت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين ؟
ويتفرع منه الأسئلة التالية
1)    ما السيرة الذاتية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ومناقبها في الإسلام ؟
2)    ما الأدوار التربوية التي قامت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها في ظل مستجدات عصر الخلافة الراشدة ؟
3)    ما التطبيقات التربوية في الأسرة لأدوار الأم التربوية التي قامت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الخلفاء الراشدين ؟
منهج البحث
   نهج الباحث في بحثه الطرق التالية :
1-        المنهج الوصفي الوثائقي : في ترجمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , وتوضيح ملامح البيئة الزمانية والمكانية التي عايشتها في زمن الخلافة الراشدة , والأحداث المستجدة في ذلك العصر, بالإضافة إلى مواقفها رضي الله عنها من هذه الأحداث في تلك الفترة .
2-         المنهج الوصفي الاستنباطي : في إبراز الأدوار التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتوظيفها تربويا في البيئة الأسرية .


الخطوات الإجرائية
1- جمع المصادر والمراجع التي تحدثت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أو تحدثت عن زمن الخلافة الراشدة , ودخل في ذلك كتب المتقدمين ومؤلفات المتأخرين ومنها البحوث والكتب المختصرة والتي لها علاقة بالبحث ومشكلته .
2- استنباط أدوار الأمومة التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في تلك الفترة المباركة.
3- توظيف تلك الأدوار في البيئة الأسرية .
4-    تقديم خلاصة بأهم النتائج .
5-    تقديم التوصيات .


حدود البحث
   اقتصر هذا البحث في بعده الموضوعي على دراسة سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها , وفي بعده الزماني على عصر الخلافة الراشدة من خلال كتب التراجم القديمة والحديثة , واستنباط ما تضمنته من أدوار تربوية في الأحداث التاريخية بذلك العصر , وفي بعده التطبيقي على مستوى الأسرة  .

مصطلحات البحث :

1)    الأدوار التربوية :
   (الدور) " الطبقة من الشيء المدار بعضه فوق بعضه , يقال انفسخ دور عمامته .               و (عند المناطقة) توقف كل من الشيئين على الآخر والنوبة  أدوار " ([8]) .
   دور [مفرد] :  أدوار وهي مهمة ووظيفة  , قام بدور رئيسي في المعركة و لعب دورا: شارك بنصيب كبير، شارك في عمل ما أو أثر في شيء ما ([9]) .
   ويمكن تعريف الأدوار التربوية إجرائيا بأنها ( هي المهام التي يقوم بها شخص أو عدة أشخاص بهدف تنمية الآخرين أفرادا وجماعات تنمية متكاملة في جميع المجالات وفق منهج يعتقده ذلك شخص  أو أولائك الأشخاص ) .


2)    أمّ المؤمنين :
   أمّ الشيء أصله ([10]) , وأمّ كل شيء: أصله وعماده ([11]) , قال ابن شميل: الأم لكل شيء هو المجمع والمضمّ ([12]) .
   وأم المؤمنين وصف  لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب - 6) قال السعدي (ت1376هـ) رحمه الله :" أي في الحرمة والاحترام، والإكرام، لا في الخلوة والمحرمية " ([13]) , " وسواء من طلقت أو مات عنها منهن رضي الله عنهن " ([14]) .

    واختلف الناس: هل هن أمهات الرجال والنساء، أم أمهات الرجال خاصة ؟ على قولين فروى الشعبي عن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها –( أن امرأة قالت لها: يا أمة ! فقالت لها : لست لك بأم ، إنما أنا أم رجالكم  ) ([15]) , قال القرطبي (ت671هـ) رحمه الله : " لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيما لحقهن على الرجال والنساء , يدل عليه صدر الآية: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)، وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة , ويدل على ذلك حديث أبي هريرة وجابر، فيكون قوله: ( وأزواجه أمهاتهم ) عائدا إلى الجميع. " ([16]), وبذلك يكون القصد من الأمومة هنا هي تحريم النكاح .


3)    مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين :
    الحدث: " الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد " , " واستحدثت خبرا أي وجدت خبرا جديدا "  قال الأزهري: الحدث من أحداث الدهر: شبه النازلة  ([17]) .
ويعرف الباحث مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين : ( هي الحوادث المستجدة النازلة على المسلمين التي وقعت في الفترة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى وفاة علي رضي الله عنه ) .








الدراسات السابقة
   لم يطلع الباحث في حد علمه على دراسة تحمل هذا العنوان ( أداور الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها في الأسرة ) ولذلك سيتم تقسم الدراسات السابقة على وجهين :
أولا  / الوجه الأول : دراسات تناولت سير أمهات المؤمنين عامة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خاصة , ومن هذه الدراسات
1)    دراسة بعنوان المضامين التربوية المستنبطة من مرويات أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
الباحث : أصحاب الله بن كل الزمان الأفغاني .
استهدفت هذه الدراسة بيان المنزلة التربوية لأم المؤمنين رضي الله عنها من خلال مسند أحمد بن حنبل رحمه الله , وإبراز الأسلوب النبوي التربوي للنبي صلى الله عليه وسلم من خلال مرويات عائشة رضي الله عنها .
2)    دراسة بعنوان دور المرأة السياسي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين:
الباحث / أسماء محمد أحمد زيادة .
هدفت هذه الدراسة لإبراز الممارسات السياسية العامة للمرأة في العهد النبوي والراشدين والتي منها دور المرأة في الهجرة , و بيعة النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين , ثم انتقلت إلى المرأة والجهاد على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين و الدور السياسي للمرأة في أحداث الفتنة .
3)    دراسة بعنوان المضامين التربوية المستنبطة من سيرة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وتطبيقاتها التربوية في الأسرة والمدرسة :
الباحث : تهاني بنت عبد القادر بن عثمان يماني .
   استهدفت هذه الدراسة إبراز المواقف التربوية, والسلوكيات النموذجية لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها من أجل وضع تطبيقات تربوية تستنير بها الأسرة والمدرسة في وضع منهجها التربوي .

4)    دراسة بعنوان دور أمهات المؤمنين في مجتمع المدينة المنورة في عصر الراشدين :
الباحث : ندى بنت محمد بن عبد الله النخيلان .
   استهدفت هذه الدراسة بيان الأثر السياسي والاجتماعي و العلمي لأمهات المؤمنين على مجتمع المدينة المنورة في عصر الخلفاء الراشدين رضي الله عن الجميع , بعد بيان اللمحة التاريخية لعصر الخلفاء الراشدين وانجازاتهم والتعريف بأمهات المؤمنين .

ثانيا  / الوجه الثاني : دراسات تناولت عهد الخلفاء الراشدين ومنها
1)    دراسة بعنوان الجوانب التربوية في حياة الخلفاء الراشدين دراسة تحليلية :
الباحث : عبدالقوي عبدالغني محمد .
   استهدفت هذه الدراسة توضيح المكانة التربوية للخلفاء الراشدين وأساليب التربية في عصرهم  , والمجالات التربوية التي اندرجت في تلك الفترة الزمنية .
2)    دراسة بعنوان الجهود التربوية في عصر الخلفاء الراشدين :
الباحث : منى علي السالوس .
   حيث تناولت أهم المتغيرات المجتمعية في عصر الخلفاء الراشدين في تنظيم الدولة  وانتشار الإسلام وطبقات المجتمع, ثم أبرزت الجهود التربوية للخلفاء الراشدين في الحركة العلمية , بالإضافة لإبراز أدوار بعض الصحابة في ذلك .
وقد طبع مؤخرا بعنوان ( الجهود العلمية والتعليمية في عصر الخلفاء الراشدين ) .

التعليق على الدراسات السابقة و البحث الحالي :
    تعد الدراسات السابقة أطروحات أكاديمية لا يوازي هذا المبحث الذي نحن بصدده عشر معشار العشير مما فيها من الدرر والجوانب الرائعة التي حاول كل باحث منهم أن يتفرد في أطروحته بشيء جديد , ولكن يبقى دور الأم التربوي غير مبرز في هذه الأطروحات , ولعل في هذا الجهد الذي لا يذكر أن يوضح شيء يسيرا من تلك الأدوار الرائعة لأمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها الذي لعبته كأم لمجتمع المسلمين في عصر الخلفاء الراشدين , ثم توظيف هذه الأدوار في الأسرة كمنهج تتبعه الأم اليوم في ظل التحديات المعاصرة  تواجهها , فجزاها الله عن أمة محمد خير الجزاء والثواب .





















الفصل الثاني
ترجمة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها

تمهيد
   لقد لقيت سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عناية كبيرة عند المتقدمين والمتأخرين , فكتبت المؤلفات في ذلك , وأشارت بعض شروحات الحديث إلى شيء منها , ومن هذه الكتب كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين لابن عساكر , و الإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة للزركشي , و فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لابن عساكر ,و موسوعة أمهات المؤمنين لعبدالمنصور شاهين , ولعلي في هذه الأسطر القادمة أن أشير إلى بعض ما حوته تلك المؤلفات من تعريف بالصديقة بنت الصديق رضي الله عنها , نقلا من تلك الكتب .
اسمها وكنيتها :
   هي أم المؤمنين وأم عبد الله , كنيتها أم عبد الله كناها به النبي صلى الله عليه وسلم بابن أختها عبد الله بن الزبير , وجاء في معجم ابن الأعرابي أنها جاءت بسقط فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وفي إسناده نظر  .
   وعائشة مأخوذة من العيش ويقال أيضا عيشة لغة , وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم صغر اسمها وقال يا عويش وعند أحمد في مسنده رواه ( يا عويش ) وفي الصحيحين ( يا عايش ) على الترخيم , وناداها عليه الصلاة والسلام بـ ( يا حميرا ) تصغير تقريب و المراد بها البيضاء فكأنها غير كاملة البياض .

نسبها :
   أبوها هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي  رضي الله عنه , ويلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في النسب في الجد السادس مرة بن كعب ويكنى بأبي بكر , لقب بألقاب عديدة منها : ( العتيق والصديق و الصاحب والأتقى و الأواه ) , وهو خليفة رسول الله , وصاحبه في الهجرة وصهره وأحب الرجال إليه , مناقبه في الإسلام عظيمة وجليلة لا يسع المقام لأن نقف على سواحلها .
   وأما أمها فهي أم رومان بفتح الراء وضمها بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس ابن كنانة (من بني كنانة بن خزيمة ) مات عنها زوجها الحارث بن سخبرة بمكة ، فتزوجها أبو بكر، وأسلمت قديما ، وبايعت ، وهاجرت إلى المدينة ، وهي والدة عبد الرحمن وعائشة رضي الله عنهم , سماها ابن اسحاق في السيرة زينب وفي الروض للسهلي اسمها دعدة , ماتت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ست من الهجرة ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها.

نشأتها
   لقد ولدت أم المؤمنين عائشة في بيت مليء إيمانا وعلما وحكمة وكرما وشرفا ونبلا فنشأت مع إخوتها بين أبوين كريمين فتربت على الأدب والخلق الرفيع، وتعلمت من أبيها أشعار العرب وأيامهم.. في طفولتها منذ نعومة أظفارها قبل أن تنتقل إلى بيت النبوة الذي عاشت فيه بداية شبابها وفيه سمعت ما يتلى من آيات الله والحكمة فكانت من أنجب من تربى في مدرسة النبوة، ولم تتجاوز العقد الثاني من عمرها حتى استوعبت جميع ثقافة مجتمعها وتفوقت على غيرها في شتى العلوم الموجودة في ذلك العصر رضوان الله عليها.

زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم :
   تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين وقيل ثلاث بعد موت خديجة وقبل سودة بنت زمعة وقيل بعدها وهذا هو الأشهر , وتزوجها وهي بنت ست أو سبع والأول أصح وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع في شوال منصرفه صلى الله عليه وسلم من بدر في السنة الثانية من مقدمه , وأقامت في صحبته ثمانية أعوام وخمسة أشهر وتوفي صلى الله عليه وسلم
وهي ابنة ثماني عشرة سنة .

حياتها :
   عاشت خمسا وستين وولدت سنة أربع من النبوة وتوفيت بالمدينة زمن معاوية ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين واوصت أن يصلي عليها أبو هريرة , ماتت بعد الوتر وأمرت أن تدفن من ليلتها فاجتمع الأنصار وحضروا فلم ير ليلة أكثر ناسا منها نزل أهل العوالي فدفنت بالبقيع ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فرضي الله عنها وأرضاها وجزاها عن أمة محمد خير ما جازا به أما عن أبنائها .....
مواليها رضي الله عنها :
1 - بريرة وهي التي كان فيها ثلاث سنن .
2-  سايبة وعمها نافع مولى ابن عمر .
3 -  مرجانة وهي أم علقمة بن أبي علقمة أحد شيوخ مالك .
4 -  أبو يونس روي أنه قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ثم قالت إذا بلغت هذه الآية {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فلما بلغتها قالت وصلاة العصر سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم  .
5 - أبو عمرو كما رواه الشافعي .

مناقبها وفضلها رضي الله عنها :
الأولى : أنه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها .
الثانية : أنها خيرت واختارت الله ورسوله على الفور .
الثالثة : أنها حيث خيرت كان خيارها على التراخي بلا خلاف .
الرابعة : نزول آية التيمم بسبب عقدها حين حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال لها أسيد بن حضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر .
الخامسة : نزول براءتها من السماء بما نسبه إليها أهل الإفك .
السادسة : جعله قرأنا يتلى إلى يوم القيامة .
السابعة : شرع جلد القاذف وصار باب القذف وحده بابا عظيما من أبواب الشريعة وكان سببه قصتها رضي الله عنها .
الثامنة : لم ينزل بها أمر إلا جعل الله لها منه مخرجا وللمسلمين بركة .
التاسعة :رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لها فقال:( أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ ) متفق عليه .
العاشرة : أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه قال له عمرو بن العاص
: (أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ ، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أَبُوهَا ) أخرجه الشيخان وصححه الترمذي وابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه .
الحادية عشرة : وجوب محبتها على كل أحد لما جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ فَقَالَتْ: بَلَى، قَالَ فَأَحِبِّي هَذِهِ ) أخرجه مسلم والنسائي .
الثانية عشرة : أن من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها,وعند مالك من سبها قتل .
الثالثة عشرة : « أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِهَا - أَوْ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ - مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » أخرجه البخاري ومسلم والنسائي .
الرابعة عشرة : أن سودة وهبت يوما لها بخصوصها .
الخامسة عشرة : اختياره صلى الله عليه وسلم أن يمرض في بيتها .
السادسة عشرة : وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها .
السابعة عشرة : وفاته صلى الله عليه وسلم في يومها .
الثامنة عشرة : دفنه في بيتها ببقعة هي أفضل بقاع الأرض بإجماع الأمة .
التاسعة عشر : أنها رأت جبريل صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي  .
متمم العشرين : اجتماع ريق رسول الله وريقها في آخر أنفاسه صلى الله عليه وسلم .
الحادية والعشرون : لم ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها .
الثانية والعشرون : كانت أكثرهن علماً .
الثالثة والعشرون : كانت أفصحهن لسانا .
الرابعة والعشرون : أن الأكابر من الصحابة كان إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها فيجدون علمه .
الخامس والعشرون : لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبواها مهاجران بلا خلاف سواها .
السادس والعشرون : أن أباها وجدها صحابيان وشاركها في ذلك جماعة .
السابعة والعشرون : كان أبوها أحب الرجال إليه وأعزهم عليه .
الثامن والعشرون : أن أباها أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن ذلك مالك فقال وهل في ذلك شك .
التاسع والعشرون : كان لها يومان وليلتان في القسم دونهن لما وهبتها سودة يومها وليلتها
متمم الثلاثين : أنها كانت تغضب فيترضاها ولم يثبت ذلك لغيرها , و كان يتبع رضاها كلعبها باللعب ووقوفه في وجهها لتنظر إلى الحبشة يلعبون .
الحادية والثلاثون : لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أكثر منها .
الثانية والثلاثون : أنها أفضل امرأة مات عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف .
الثالثة والثلاثون : أن عمر فضلها في العطاء عليهن كما أخرجه الحاكم في مستدركه .
الرابعة والثلاثون : أنها سمعته يقول في يوم من الأيام فقدها واعروساه فجمعها الله عليه .
الخامسة والثلاثون : تسابق النبي صلى الله عليه وسلم معها .
السادسة والثلاثون : أن الله تعالى اختارها لرسوله قال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب فتوح الفتوح افتخرت زينب على نساء النبي فقالت كلكن زوجها أبوها وأنا زوجني ربي تشير إلى قوله {زوجناكها} وأنا أتوب فقال يا زينب لقد صدقت ولقد شاركتك عائشة في أن الله تعالى بعث صورتها في سرقة من حرير مع جبريل فجلاها فقال هذه زوجتك فهذا تزويج مطوي في سر القدر ظهر أثره يوم عقد العقد غير إن عائشة كانت من اختيار الله لرسوله وكنت يا زينب من اختيار الرسول لنفسه .









































الفصل الثالث  
أدوار الأم التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها                                                                               في مستحدثات عصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها في الأسرة
تمهيد
   تحتل الأم مكانة مهمة وأساسية في التربية ، ويبدو ذلك من خلال أمور عديدة  لا نستطيع أن نتحدث بالتفصيل عنها ، ولا نستطيع من خلال مبحث واحد أن نخرج أما مربية ، ولهذا سنعرض الشق الثاني الذي يؤكد دور الأم في التربية ([18]) .
   وكان لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دور كبير في المجتمع المدني عصر الخلفاء الراشدين , دور لا يوازى ولا يبارى من سائر النساء , وهذا لا يدعونا للتهوين من الأدوار التي قمن بها أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ولكن حقيقة لقد بلغت الصديقة بنت الصديق منزلة سامقة حتى إنها لتستدرك على الصحابة وتراجعهم في كثير من الأمور , و لربما أشكل عليهم الأمر فيجدون علمه عندها رضي الله عنها , وسنحاول بإذن الله إسقاط هذه الجوانب على ما قامت به أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها في عصر الخلفاء الراشدين مما يؤكد لنا حقيقة قيامها بدور الأمومة في ذلك المجتمع .

أولا : الشعور بأهمية التربية :
-         (في حادثة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم )
   عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة  و اشرأبت النفاق ، والله لقد نزل بي ما لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها ، وصار أصحاب محمد صلى الله عليه سلم كأنهم معزى مطيرة في حش في ليلة مطيرة بأرض مسبعة، فو الله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بخطلها وعنانها وفصلها... ) ([19]) .
   يتضح لنا من خلال هذه الرواية معايشتها لأمر المسلمين والشعور الذي وصفته بأنه لو نزل بالجبال الراسيات لهاضها , وشعورها بأهمية اتخاذ القرار المناسب الذي تمثل في فعل أبي بكر رضي الله عنه , رغم حداثة سنها في ذلك الوقت مما يوضح حسن فهمها للأمور , وعقلها الراجح .
-         ( في حادثة طعن عمر رضي الله عنه )
   عندما طعن عمر رضي الله عنه أرسل ابنه عبدالله يستأذن أم المؤمنين رضي الله عن الجميع (فسلم واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي) ([20]) , تقول النخيلان : " وما أحسب أن بكاء عائشة على عمر بن الخطاب كان جزعا ولا خوفا عليه من الموت , فما هو إلا لاحق بربه الكريم إلى جوار صاحبيه , إنما يبدو أن أم المؤمنين رضي الله عنها كانت تبكي حال الأمة إن نكبت بفقد خليفة حازم صارم فاتح كعمر ..." ([21]) ,
·        التطبيق التربوي :
   إن نقطة البداية أن تشعر الأم بأهمية التربية وخطورتها، وخطورة الدور الذي تتبوؤه، وأنها مسؤولة عن جزء كبير من مستقبل أبنائها وبناتها، وحين نقول التربية فإنا نعني التربية بمعناها الواسع الذي لايقف عند حد العقوبة أو الأمر والنهي، كما يتبادر لذهن طائفة من الناس، بل هي معنى أوسع من ذلك ([22]) .
   فهي تعني إعداد الولد بكافة جوانب شخصيته: الإيمانية، والجسمية، والنفسية، والعقلية الجوانب الشخصية المتكاملة أمر له أهمية وينبغي أن تشعر الأم والأب أنها لها دور  في رعاية هذا الجانب وإعداده.
وفي جانب التنشئة الدينية والتربية الدينية يحصرها كثير من الناس في توجيهات وأوامر أو عقوبات، والأمر أوسع من ذلك، ففرق بين شخص يعاقب ابنه حيث لا يصلي وبين شخص آخر يغرس عند ابنه حب الصلاة، وفرق بين شخص يعاقب ابنه حين يتفوه بكلمة نابية، وبين شخص يغرس عند ابنه رفض هذه الكلمة وحسن المنطق، وهذا هو الذي نريده حين نتكلم عن حسن التربية، فينبغي أن يفهم الجميع –والأمهات بخاصة- التربية بهذا المعنى الواسع .

ثانيا: الاعتناء بالنظام :
-         ( في حادثة قتل عمر رضي الله عنه )
   روي أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت لعبدالله بن عمر رضي الله عنهما عندما طعن عمر بن الخطاب وظن الناس موته رضي الله عنه ( يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له : لا تدع أمة محمد بلا راع , استخلف عليهم , ولا تدعهم بعدك هملا , فإني أخشى عليهم الفتنة , فأتى عبدالله فأعلمه , فقال ومن تأمرني أن أستخلف ... ) ([23]) .
-         ( في حادثة قتل عثمان رضي الله عنه ) :
   عندما انتشر خبر قتل عثمان رضي الله عنه وأخذ الناس يتناقلونه حرصت رضي الله عنها على أن تضبط النظام في الأمة الإسلامية فقد أخرج الطبري بسنده عن الأحنف بن قيس قال : ( فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان فقلت لها من تأمريني به قالت علي قال فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليا ورجعت إلى البصرة ) ([24]) .
   فانظر رعاك الله إلى حرصها رضي الله عنها على نظام الدولة ونظام الناس , بأن لا يكونوا فوضويين فيقعوا في الفتن .

التطبيق التربوي :
    " من الأمور المهمة في التربية -ويشترك فيها الأم والأب لكن نؤكد على الأم- الاعتناء بنظام المنزل ؛ فذلك له أثر في تعويد الابن على السلوكيات التي نريد ..... إننا بحاجة إلى تعويد أولادنا على النظام ، في غرفهم وأدواتهم ، في مواعيد الطعام ، في التعامل مع الضيوف وكيفية استقبالهم ، ومتى يشاركهم الجلوس ومتى لايشاركهم " ([25]) .

ثالثا: السعي لزيادة الخبرة التربوية:
   إن من نتائج إدراك الأم لأهمية دورها التربوي أن تسعى لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجالات عدة، منها: القراءة ,استثمار اللقاءات , الاستفادة من التجارب , وكان ذلك واضح كل الوضوح في حياة عائشة رضي الله عنها ويمكن عرض تلك المواقف التي تؤكد حقيقة الأمر .
أ : القراءة /
   إن الذي يقرأ سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يجد أنها قد تأثرت كثيرا بالقراءة في بناء ثقافتها وعلمها ومنهجها في التربية وسنسوق الأحداث التي تبين ذلك , فعن عائشة رضي الله أنها قالت واصفة حالها في حادثة الإفك (وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيرا من القرآن، فقلت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس ... ) ([26]) فشهدت هي بنفسها أنها لم تكن تقرأ كثيرا من القرآن , وما هي إلا سنون وإذ بها تنعت بالعلم في كتاب الله كما قال عبدالله ابن الزبير عن أبيه أنه قال (ما رأيت أحدا من الناس اعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة رضي الله عنها ) ([27]) , حتى أصبحت لا تكاد تحاج أحدا بحجة إلا قائلة بكتاب الله , مما يوضح أثر القراءة على سلوكها وسعة علمها وتعاملاتها رضي الله عنها والتي انعكست بشكل كبير على دورها التربوي وكان له الأثر في تفعيله .
 التطبيق التربوي :
   للقراءة أثر بليغ على ثقافة الإنسان وعلمه وعمله , وتربويا " فمن الضروري أن تعتني الأم بالقراءة في الكتب التربوية ، وتفرغ جزءا من وقتها لاقتنائها والقراءة فيها ، وليس من اللائق أن يكون اعتناء الأم بكتب الطبخ أكثر من اعتنائها بكتب التربية , وحين نلقي سؤالا صريحا على أنفسنا: ماحجم قراءاتنا التربوية ؟ وما نسبتها لما نقرأ إن كنا نقرأ ؟ فإن الإجابة عن هذه السؤال تبرز مدى أهمية التربية لدينا، ومدى ثقافتنا التربوية " ([28]) .
   ولكي تفعل الأم هذه القضية لديها لابد لها من إتباع خطوات منها ( 1-اقتراح برنامج متدرج في القراءة -2-تخصيص أوقات للقراءة-3- تأمين الكتب المناسبة للقراءة كمكتبة المنزل -4- تخصيص كتاب أسبوعي أو شهري جديد -5- زيارة المكتبات ودور النشر ومعارض الكتب -6- استشارة أهل التخصص في أنفس الكتب التي تحتاجها المرأة في موضوع من الموضوعات -7-تخصيص وقت لقراءة القرآن والسنة النبوية )
ب : استثمار اللقاءات /
   كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مغتنمة للأوقات التي تجمعها بالآخرين غاية الاغتنام في تصحيح المخطئ , وتعليم الجاهل , وإفتاء السائل , وكثيرا ما تفعله مبادرة منها فلا تنتظر حتى تسأل , حتى أصبحت حجرتها رضي الله عنها وأرضاها في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكان لاجتماع الصحابة وعقد الأمور .
   بل وكانت رضي الله عنها تستغل هذه اللقاءات في نقل الخبرة منها إلى النساء في منهج الأمومة والزوجية , ومما يؤكد هذه المعاني مرويات عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عندما سألت عن أفضل النساء قالت : (التي لا تعرف عيب المقال ولا تهتدي لمكر الرجال فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها والإبقاء في الصيانة على أهلها ) ([29]) فانظر كيف صرفت أنظار النساء إلى أهمية الإبقاء في صيانة الأهل حتى غدى معيارا من معايير المرأة الفاضلة , ومحاولتها لنقل هذه الخبرات الرائعة من خلال هذه الجلسة العائلية التي جمعتها بنساء المسلمين  .
التطبيق التربوي :
   تستطيع الأم الاستفادة من هذا المنهج في زيادة الخبرة الشخصية لديها في الجلسات الأسرية واللقاءات العائلية " من خلال النقاش فيها عن أمور التربية ، والاستفادة من آراء الأمهات الأخريات وتجاربهن في التربية ، أما الحديث الذي يدور كثيرا في مجالسنا في انتقاد الأطفال ، وأنهم كثيرو العبث ويجلبون العناء لأهلهم، وتبادل الهموم في ذلك فإنه حديث غير مفيد، بل هو مخادعة لأنفسنا وإشعار لها بأن المشكلة ليست لدينا وإنما هي لدى أولادنا " ([30]).
   لم لا نكون صرحاء مع أنفسنا ونتحدث عن أخطائنا نحن ؟ وإذا كان هذا واقع أولادنا فهو نتاج تربيتنا نحن ، ولم يتول تربيتهم غيرنا ، وفشلنا في تقويمهم فشل لنا وليس فشلا لهم .

ت : الاستفادة من التجارب /
-         ( في أحداث عمال الأمصار )
   لا يخلوا إنسان من ضعف وقصور , ولا تكون العصمة للبشر ما خلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , ومن تتبع سيرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في أمومتها للمؤمنين يجد أنها كانت قائمة في شأنهم صغيرا وكبيرا , ولها مواقفها في قضايا الأمة , ومع طبيعتها البشرية غير المعصومة فقد تقع في خطأ دون قصد ولكن سرعان ما تتدارك الخطأ ولا تعود إليه ثانية , ومن تلك المواقف موقفها مع عثمان وعلي رضي الله عنهما في عصر خلافتهما , ففي عهد عثمان ومع كثرة ما أحدث عماله في الأمصار كابن أبي السرح وغيره فقد اضطر توالي مثل تلك الأحداث أم المؤمنين إلى التدخل مرارا , فكتبت إليه معاتبة تارة , ونصحته جهارا تارة أخرى , ووصل الحد إلى تقريعه في مسجد رسول الله في ثالثة , قال المقدسي (ت355) :  "  وتكلمت عائشة في أمره واطلعت شعرة من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعله وثيابه وقالت ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم  " ([31]) .
   وقد ندمت عائشة رضي الله عنها على مناصحتها لعثمان جهارا أمام العامة عندما علمت بقتله رضي الله عنه , يقول الأفغاني : ولعل عائشة رضي الله عنها أيقنت في نفسها أن نصح الأمراء لا يكون على رؤوس الأشهاد , وأن ذلك مفسدة للعامة لا يخلوا من المضرة مهما كانت نية الناصح خاصة ) ([32]) .
التطبيق التربوي للأم :
   " إن من أهم ما يزيد الخبرة التربوية الاستفادة من التجارب والأخطاء التي يمر بالشخص، فالأخطاء التي وقعت فيها مع الطفل الأول تتجنبينها مع الطفل الثاني ، والأخطاء التي وقعت فيها مع الطفل الثاني تتجنبينها مع الطفل الثالث ، وهكذا تشعرين أنك ما دمت تتعاملين مع الأطفال فأنت في رقي وتطور" ([33]) .
   ومن القضايا التي ينبغي على المرأة الأم أن تستفيد منها في التجارب السابقة مشكلاتها مع الزوج وخاصة أمام الأبناء , فتبحث عن الأسباب الجوهرية وتبتعد عن إسقاط الأخطاء على الآخرين , ومع مرور الوقت ستجد نفسها زوجة مثالية تدير المنزل بخبرتها التربوية .
رابعا: الاعتناء بتلبية الحاجات :
   لا يخفى كل مربي الأثر التربوي في تلبية وإشباع الحاجات والتي " يتولد عنها شخصية إيجابية مرنة قادرة على الإنجاز والتفاعل مع الآخرين بسلام،حسنة التوافق مع المواقف والصعوبات " ([34]) .
   وقد كان لأم المؤمنين رضي الله عنها اهتمام كبير بتلبية حاجات المجتمع المدني في عصر الخلفاء الراشدين , رجالا ونساء , صغارا وكبارا , وسنستعرض في هذه الأسطر جزء من سيرتها رضي الله عنها تبن ذلك هذا  .
( 1 ) - الحاجة إلى الثقة :
   قدمت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دور كبير في زرع الثقة بالصحابة على مستوى الخلافة والإفتاء وتولي زمام الأمور , ومن تلك المواقف ما يلي
-         ( في أحداث اختلاف الصحابة ببعض المسائل )
  كانت تزرع ثقة أبي هريرة رضي الله عنه بنفسه وتغرس ثقة الناس به , فعن سعد بن أبي وقاص أنه كان قاعدا عند عبد الله بن عمر، إذ طلع خباب صاحب المقصورة، فقال يا عبد الله بن عمر: ألا تسمع ما يقول أبو هريرة، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خرج مع جنازة من بيتها، وصلى عليها ، ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع، كان له من الأجر مثل أحد» ؟ فأرسل ابن عمر خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ، ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت: وأخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده ، حتى رجع إليه الرسول، فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة .. الحديث ) , ولقد أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة رضي الله عنه .
-         ( في أحداث تولي الخلفاء الخلافة )
   لقد كان لها دور كبير رضي الله عنها في زرع الثقة بالخلفاء الراشدين على خلافتهم ,  كدفاعها عن عثمان رضي الله عنه , فعن فاطمة بنت عبد الرحمن، قالت: ( حدثتني أمي ، أنها قالت: سألت عائشة وأرسلها عمها، فقال: إن أحد بنيك يقرئك السلام، ويسألك عن عثمان بن عفان، فإن الناس قد شتموه ؟ فقالت : لعن الله من لعنه ، فو الله لقد كان قاعدا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسند ظهره إلي ، وإن جبريل ليوحي إليه القرآن ، وإنه ليقول له : " اكتب يا عثيم " فما كان الله لينزله تلك المنزلة إلا كريما على الله ورسوله ) ([35]) .
   و تكرر ذلك في خلافة علي رضي الله عنه , فبعد أن قتل عثمان رضي الله عنه حثت الناس على مبايعته بالخلافة , وزكته في دينه وأمانته , وعندما وقع ما وقع في الجمل , خرجت في يوم الوداع خرجت تودعهم ويودعونها فقالت في علي : (إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ، وإنه عندي على معتبي من الأخيار ) ([36]) .

التطبيق التربوي :
   يحتاج الطفل إلى الشعور بثقته بنفسه وأن الآخرين يثقون فيه، ويبدو ذلك من خلال تأكيده أنه أكبر من فلان أو أقوى من فلان .
   " إننا بحاجة لأن نغرس لدى أطفالنا ثقتهم بأنفسهم،وأنهم قادرون على تحقيق أمور كثيرة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تكليفهم بأعمال يسيرة يستطيعون إنجازها، وتعويدهم على ذلك.
   ويحتاجون إلى أن يشعرون بأننا نثق بهم، ومما يعين على ذلك تجنب السخرية وتجنب النقد اللاذع لهم حين يقعون في الخطأ، ومن خلال حسن التعامل مع مواقف الفشل التي تمر بهم ومحاولة استثمارها لغرس الثقة بالنجاح لديهم بدلا من أسلوب التثبيط أو مايسيمه العامة (التحطيم) " ([37]) .
   تقول كاثرين توبين : " عندما تعلم طفلك أنه قوي ويتمتع بصحة جيدة , سوف ينمو وهو يثق في قوته الداخلية والخارجية " ([38])
( 2 ) - الحاجة إلى الاستطلاع:
-         ( حادثة اختلاف الصحابة في المسائل الفقهية )
      لقد كانت أم المؤمنين رضي الله عنها تراعي هذه الحاجة لدى الصحابة وخاصة في العلم ومنه مسألة وجوب الغسل فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : قال: اختلف في ذلك رهط من المهاجرين، والأنصار فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء. وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل، قال: قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك فقمت فاستأذنت على عائشة فأذن لي، فقلت لها: يا أماه - أو يا أم المؤمنين - إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك، فقالت: لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك، فإنما أنا أمك، قلت: فما يوجب الغسل؟ قالت على الخبير سقطت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل ) ([39]) .
    مع أن المسألة قد تقدم الفصل فيها في عهد عمر رضي الله عنه , وقد جعل عمر رضي الله عنه عقوبة لمن لم يغتسل من جماع دون الماء , ثم إنها هي امرأة وقد يصيب المرأة من الحياء في هذا الأمر ما يصيبها , إلا أنها لم تغفل عن مراعاة حب الاستطلاع لدى الصحابة وشغف العلم وأمانة النقل , مما دفعها للمبادرة بإشباع هذه الحاجة لديهم مؤكدة قيامها رضي الله عنها بهذا الدور .
التطبيق التربوي :
   يحب الطفل الاستطلاع والتعرف على الأشياء، ولهذا فهو يعمد إلى كسر اللعبة ليعرف ما بداخلها، ويكثر السؤال عن المواقف التي تمر به، بصورة قد تؤدي بوالديه إلى التضايق من ذلك , فمن المهم أن تتفهم الأم خلفية هذه التصرفات من طفلها فتكف عن انتهاره أو زجره، فضلا عن عقوبته .
   " و من المهم أن تستثمر هذه الحاجة في تنمية التفكير لدى الطفل، فحين يسأل الطفل عن لوحة السيارة، فبدلا من الإجابة المباشرة التي قد لا يفهمها يمكن أن يسأله والده، لو أن صاحب سيارة صدم إنسانا وهرب فكيف تتعرف الشرطة على سيارته ؟ الولد: من رقم السيارة، الأب: إذا هذا يعني أنه لابد من أن يكون لكل سيارة رقم يختلف عن بقية السيارات، والآن حاول أن تجد سيارتين يحملان رقما واحدا، وبعد أن يقوم الولد بملاحظة عدة سيارات سيقول لوالده إن ما تقوله صحيح " ([40]) .
3 – الحاجة إلى العدل:
-         ( في أحداث عمال عثمان رضي الله عنه بالأمصار )
   لقد كانت أم المؤمنين عادلة بين أبنائها لا تعين أحدا على ظلم أحد مهما كانت مكانته ومنزلته , ومهما كانت أسبقيته في الإسلام , ففي قصة عبدالله ابن أبي السرح مع أهل مصر و بعد تهديد عثمان لأبي السرح أقبل أهل مصر إلى أصحاب رسول الله في المسجد فأرسلت عائشة رضي الله عنها لعثمان ( فقالت تقدم إليك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت إلا واحدة فهذا قد قتل منهم رجلا فأنصفهم من عاملك ) ([41]) فطالبت بإقامة العدل بين أبنائها من الخليفة آن ذاك , مما يوضح إشباعها رضي الله عنها لحاجة العدل بين أبنائها المسلمين .
التطبيق التربوي :
   يحتاج الناس جميعا إلى العدل، وتبدو هذه الحاجة لدى الأطفال بشكل أكبر من غيرهم، ولذا أمر النبي بالعدل بين الأولاد ، وشدد في ذلك ، عن حصين عن عامر قال : سمعت النعمان ابن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال :" أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ " قال : لا ، قال : " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم " قال فرجع فرد عطيته ) متفق عليه .
     مهما كانت المبررات لدى الأم في تفضيل أحد أولادها على الآخر، فإن ذلك لا يقنع الطفل ، ولابد من الاعتناء بضبط المشاعر الخاصة تجاه أحد الأطفال حتى لا تطغى، فتترك أثرها عليه وعلى سائر إخوانه وأخواته ([42]) .
   إن عدم العدل بين الأبناء يؤدي إلى عقوق الآباء وبما أن العقوق محرم ومن أكبر الكبائر ،كان كل ما يؤدي إلى العقوق حرام , ومن أعظم ذلك عدم العدل بين الأولاد في الهدية والعطية والهبة والصدقة ،  و التمييز بين الأولاد سبب لكراهية بعضهم لبعض ، ودافع للعداوة بين الأخوة ، وعامل مهم من عوامل الشعور بالنقص ، وظاهرة التفريق بين الأولاد من أخطر الظواهر النفسية في تعقيد الولد وانحرافه ، وتحوله إلى حياة الرذيلة والشقاء والإجرام ([43])   .
   أكتفي بهذا الحديث عن هذه الحاجات وإلا فهي حاجات كثيرة، والواجب على الوالدين تجاه هذه الحاجات أمران :
الأول: الحرص على إشباع هذه الحاجات والاعتناء بها .
الثاني: استثمار هذه الحاجات في تعليم الابن السلوكيات والآداب التي يحتاج إليها .

خامسا: الحرص على التوافق :
-         ( في حادثة الجمل )
   كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حريصة كل الحرص على أن لا يظهر الخلاف بينها وبين الخلفاء الراشدين في قضايا الأمة ومسائلها أمام الصحابة بعد عصر عثمان وفي خلافة على رضي الله عن الجميع , وقد كان علي رضي الله عنه يوازيها في ذلك , فبعد ندمها على مناصحة عثمان في خلافته وحصل ما حصل في موقعة الجمل خرجت في يوم الوداع لتبين للناس موافقتها لعلي ولو خالفته في نفسها , مما يوضح إدراك كل واحد منهما بأهمية بيان هذا الاتفاق مصرحا به أمام الناس , فقد روى الطبري بسنده قولها في ذلك اليوم " إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها ؛ وإنه عندي على معتبي من الأخيار . وقال علي : يا أيها الناس ، صدقت والله وبرت ، ما كان بيني وبينها إلا ذلك ، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة " ([44]) .
التطبيق التربوي :
   لما كانت التربية مزيجا يشارك في إعداده الأم والأب على حد سواء وقد تبوأ كل منهما منزلته في عيون الأبناء نجد أن العلاقة بينهما منعكسة في سلوك أبنائهم إما بشكل مباشر أو غير مباشر , يقول الحدري : " التربية لا يمكن أن تتم من طرف واحد ، والأب والأم كل منهما يكمل مهمة الآخر ودوره ، ومما ينبغي مراعاته في هذا الإطار :
1-    الحرص على حسن العلاقة بين الزوجين، فالحالة النفسية والاستقرار لها أثرها على الأطفال كما سبق، فالزوجة التي لاتشعر بالارتياح مع زوجها لابد أن يظهر أثر ذلك على رعايتها لأطفالها واهتمامها بهم.
2-    التفاهم بين الوالدين على الأساليب التربوية والاتفاق عليها قدر الإمكان.
3-    أن يسعى كل من الوالدين إلى غرس ثقة الأطفال بالآخر، فيتجنب الأب انتقاد الأم أو عتابها أمام أولادها فضلا عن السخرية بها أو تأنيبها، كما أن الأم ينبغي أن تحرص على غرس ثقة أطفالها بوالدهم، وإشعارهم بأنه يسعى لمصلحتهم –ولو اختلفت معه- وأنه إن انشغل عنهم فهو مشغول بأمور مهمة تنفع المسلمين أجمع، أو تنفع هؤلاء الأولاد.
    ومما ينبغي مراعاته هنا الحرص على تجنب أثر اختلاف الموقف أو وجهة النظر بين الوالدين، وأن نسعى إلى ألا يظهر ذلك على أولادنا فهم أعز ما نملك ، وبإمكاننا أن نختلف ونتناقش في أمورنا لوحدنا ([45]).


























الفصل الثالث
النتائج والتوصيات

أولا / النتائج :

1)       أهمية دور الأمومة الذي قامت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الخلفاء الراشدين برغم ظروفها التي لم تساعدها للقيام بذلك الدور فقد مات عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت 18 سنة , ومات أبوها بعد زوجها بسنتين , ولم يكن لديها أبناء تتهيأ من خلالهم للقيام بدور الأمومة مع المجتمع المدني .
   برغم تلك الظروف إلا أنها استطاعت رضي الله عنها أن تتغلب على تلك الظروف لتجعل من نفسها أما مثالية للمجتمع المدني وللأمة من بعدة .

2)       أن بداية تفعيل تلك الأدوار للأم في الأسرة هي شعورها بأهمية التربية وإيمانها بدورها الكبير في ذلك الحقل النفيس .

3)       أن الخبرة التربوية أمر يمكن اكتسابه رفع كفائته وتستطيع الأم تحقيق ذلك من خلال القراءة والاطلاع أو من خلال الجلسات الأسرية والعائلية التي تجمعها بغيرها من الأمهات أو من خلال الاستفادة من الأخطاء الذاتية السابقة , وما على الأم في ذلك إلا أن تحرص على تفعيل هذه الجوانب في زيادة خبرتها التربوية .

4)    أن العناية بحاجات الطفل ووضعه في نظام أسري واضح بإطار تظهر فيه العلاقة الحميمية بين الزوجين كلها عوامل لها دورها الكبير في إحساس الطفل ببيئة آمنة يكتسب من خلالها الطباع الحسنة يجد فيها حاجاته الفطرية والنفسية والجسدية , مما يخرج لنا أبناء يتحلون بشخصية مكتملة من جميع جوانبها .







التوصيات :

بعد معايشة الباحث لموضوعه وتوصله للنتائج السابقة يوصي بما يلي :
1)    إعداد الطالبات تربويا من خلال بناء مقرر دراسي يحمل المنهج التربوي للأم قائم على الأدوار التربوية لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عصر الخلفاء الراشدين , وذلك لتدريسه في مراحل التعليم العام والأكاديمي .
2)    على مستوى البحوث الأكاديمية يوصي الباحث بإجراء دراسة تحمل العنوان التالي :
 " أدوار الأم التربوية لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن في عهد النبوة وعصر الخلفاء الراشدين وتطبيقاتها التربوية في الأسرة والمدرسة " .
والله أعلم وأحكم , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




                                                                                   كتبه الدارس /
                                                                                أحمد محمد الشهراني
                                                                              المدينة المنورة – الأحد 26/12/1433هـ



قائمة المصادر والمراجع
كتب الحديث وشروحاته :
1)       البخاري , محمد بن اسماعيل ( الجامع الصحيح ) , مكتبة النهضة الحديثة , الرياض ,  1404.
2)       البيهقي , أحمد بن الحسين (السنن الكبري) دائرة المعارف , الهند , 1344هـ .
3)       الترمذي , محمد بن عيسى (سنن الترمذي) ت: بشار معروف , دار الجيل , بيروت , 1998م .
4)       الخرساني , أحمد بن شعيب (سنن النسائي) ت : مكتب التراث الاسلامي , دار المعرفة , بيروت , 1414 .
5)       الشيباني , أحمد بن حنبل ( مسند أحمد بن حنبل ) ت : شعيب الأرنؤوط , مؤسسة الرسالة , 1420 هـ .
6)       العسقلاني , أحمد بن حجر( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) ت : محب الدين الخطيب , دار المعرفة , بيروت , 1379هـ .
7)       القزويني , محمد بن ماجه يزيد (سنن ابن ماجه ) ت محمد فؤاد عبد الباقي , دار إحياء الكتب العربية .
8)       النيسابوري ,مسلم بن الحجاج (صحيح مسلم) ت: فؤاد عبدالباقي ,إحياء الكتب العربية , القاهرة ,1374هـ .

كتب التفسير  :
9)       الجزائري,جابر بن موسى(أيسر التفاسير) ط5,مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة، 1424هـ ,2003م .
10)   السعدي , عبدالرحمن بن ناصر  (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) ت: عبد الرحمن بن معلا اللويحق , ط1 , مؤسسة الرسالة , 1420هـ -2000 م .
11)   القرطبي , محمد بن أحمد ( الجامع لأحكام القرآن ) , ت أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ,دار الكتب المصرية , القاهرة , ط 2 ، 1384هـ - 1964 م  .

كتب اللغة  :
12)   بن منظور , محمد بن مكرم (لسان العرب) دار إحياء التراث العربي , بيروت , 1996م .
13)   الفيروز آبادي , محمد بن يعقوب ( القاموس المحيط) .
14)   الفيومي , أحمد بن محمد ( المصباح المنير ) المكتبة العلمية , بيروت .

كتب التاريخ والتراجم  :
15)   الأصفهاني , أحمد بن عبدالله أبو نعين (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء) دار الكتاب العربي , بيروت , 1405هـ .
16)   السيوطي,عبدالرحمن بن أبي بكر ( تاريخ الخلفاء) ط1, ت حمدي الدمرداش , مكتبة الباز , مكة المكرمة , 1425هـ  .
17)   بن كثير , إسماعيل بن عمر ( البداية والنهاية ) دار إحياء التراث العربي , ط1 , 1408 .
18)   الطبري , محمد بن جرير ( تاريخ الملوك والرسل ) ط2 , دار التراث , بيروت , 1387هـ .
19)   المقدسي , المطهر بن طاهر ( البدء والتاريخ ) مكتبة الثقافة الدينية , بور سعيد .



كتب منوعة وتربوية  :
20)   الأصفهاني , الحسين بن محمد (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) دار الأرقم بن أبي الأرقم , بيروت ، 1420 هـ .
21)   الأفغاني , سعيد (عائشة والسياسة ) , دار الفكر , بيروت , 1971م .
22)   ابن القيم , محمد بن أبي بكر ( تحفة المودود ) ت عبد القادر الأرنؤوط , مكتبة دار البيان , دمشق , 1319هـ .
23)   الدنيوري , ابن قتيبة (الإمامة والسياسة) .
24)    النخيلان ,ندى بنت محمد (دور أمهات المؤمنين في مجتمع المدينة المنورة في عصر الخلفاء الراشدين)دار كنوز إشبيليا , الرياض ,1432هـ .
25)   توبين , كاثرين ( حلول علمية لمشكلات الآباء في تربية الأبناء ) ترجمة مكتبة جرير , الرياض , 2006م .


مقالات المواقع الالكترونية :
26)  الحميضي , أفراح بنت علي (دور المرأة التربوي المأمول والمعوقات) موقع صيد الفوائد , http://www.saaid.net/female/19.htm

27)  الحدري , خليل (أهمية الأم في تربية الطفل) مكتبة الدكتور خليل الحدري, جامعة أم القرى ,  http://uqu.edu.sa/page/ar/82165 .

28)   أبو حلاوة , محمد السعيد (تنمية التعاطف لدى الأطفال والشباب) مقال , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=727&MenuID=2&TempID=2&ChapID=5

29)   عطار , ليلى عبدالرشيد ( أين هي الأم المسلمة ) مقال موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1048&MenuID=2&TempID=1

30)   الدويش , محمد بن عبدالله (  دور المرأة في التربية ) موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=61&MenuID=2&TempID=3&ChapID=2

31)   أبكر , سميرة حسن ( أهمية الحاجات النفسية في مرحلة الطفولة ) زاوية الأسرة , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1542&MenuID=2&TempID=1

32)   الكسار , سمير ( العدل بين الأبناء مطلب حياتي ) زاوية الأسرة , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1287&MenuID=2&TempID=1













[1] ) الحميضي , أفراح بنت علي (دور المرأة التربوي المأمول والمعوقات) موقع صيد الفوائد , http://www.saaid.net/female/19.htm
[2] ) البخاري , محمد بن اسماعيل ( الصحيح الجامع ) باب ما قيل في أولاد المشركين (5/321)
[3] ) ابن القيم , محمد بن أبي بكر ( تحفة المودود ) ت عبد القادر الأرنؤوط , مكتبة دار البيان , دمشق , 1319هـ , ص 242 .
[4] ) أبو حلاوة , محمد السعيد (تنمية التعاطف لدى الأطفال والشباب) مقال , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=727&MenuID=2&TempID=2&ChapID=5

[5] ) العسقلاني , أحمد بن علي بن حجر ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) تحقيق محب الدين الخطيب , دار المعرفة , بيروت , 1379هـ , (7/107) .
[6] ) الحميضي , أفراح بنت علي (المرجع السابق) .
[7] ) عطار , ليلى عبدالرشيد ( أين هي الأم المسلمة ) مقال موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1048&MenuID=2&TempID=1

[8] ) المعجم الوسيط باب الدال ( 1/303 )
[9] ) معجم اللغة العربية المعاصرة , باب دور1884 (1/784) .
[10] ) المصباح المنير , باب ء م م (1/23)
[11] ) القاموس المحيط (1/1077) فصل الهمزة .
[12] ) لسان العرب , فصل الألف (12/33) .
[13] ) السعدي , عبدالرحمن بن ناصر  (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) ت: عبد الرحمن بن معلا اللويحق , ط1 , مؤسسة الرسالة , 1420هـ -2000 م , ص 659 .
[14] ) الجزائري,جابر بن موسى(أيسر التفاسير) ط5,مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة، 1424هـ ,2003م (4/243) .
[15] ) البيهقي , أحمد بن الحسين (السنن الكبري) (2/29) باب 52 , حديث 13422 ,
[16] ) القرطبي , محمد بن أحمد ( الجامع لأحكام القرآن ) , ت أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ,دار الكتب المصرية , القاهرة , ط 2  ,     1384هـ - 1964 م , (14/123) .
[17] ) لسان العرب , فصل الحاء (2/131 – 132 ) .
[18] ) الحدري , خليل (أهمية الأم في تربية الطفل)مكتبة الدكتور خليل الحدري, جامعة أم القرى ,  http://uqu.edu.sa/page/ar/82165 .
[19] ) بن كثير , إسماعيل بن عمر ( البداية والنهاية ) دار إحياء التراث العربي , ط1 , 1408 (6/336) .
[20] ) البخاري , محمد بن اسماعيل ( الجامع الصحيح ) كتاب المناقب , حديث 3700 , (5/15) .
[21] ) النخيلان , ندى بنت محمد (دور أمهات المؤمنين في مجتمع المدينة المنورة في عصر الخلفاء الراشدين) دار كنوز إشبيليا , الرياض , 1432هـ .
[22] ) الدويش , محمد بن عبدالله (  دور المرأة في التربية ) موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=61&MenuID=2&TempID=3&ChapID=2

[23] ) الدنيوري , ابن قتيبة (الإمامة والسياسة) ص18 .
[24] ) العسقلاني , أحمد بن علي بن حجر (فتح الباري شرح صحيح البخاري) (13/34) .
[25] ) الحدري , خليل (المرجع السابق) .
[26] ) رواه البخاري باب تعديل النساء بعضهن بعض (3/173) واللفظ له, ورواه مسلم (4/2129) والنسائي (8/168) .
[27] ) صفة الصفوة (1/319) و حلية الأولياء (2/49) .
[28] ) الحدري , خليل ( مرجع سابق ) .
[29] ) الأصفهاني , الحسين بن محمد (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء) دار الأرقم بن أبي الأرقم , بيروت ، 1420 هـ (2/222) .
[30] ) الحدري , خليل (المرجع السابق) .
[31] ) المقدسي , المطهر بن طاهر ( البدء والتاريخ ) مكتبة الثقافة الدينية , بور سعيد , (5/205) .
[32] ) الأفغاني , سعيد (عائشة والسياسة ) , دار الفكر , بيروت , 1971م , ص (83) .
[33] ) الدويش , محمد بن عبدالله (مرجع سابق ) .
[34] ) أبكر , سميرة حسن ( أهمية الحاجات النفسية في مرحلة الطفولة ) زاوية الأسرة , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1542&MenuID=2&TempID=1

[35] ) الشيباني , أحمد بن حنبل ( مسند أحمد بن حنبل ) مسند عائشة رضي الله عنها , تحقيق شعيب الأرنؤوط , الرسالة (43/228)
[36] ) الطبري , محمد بن جرير ( تاريخ الملوك والرسل ) ط2 , دار التراث , بيروت , 1387هـ , (4/544)
[37] ) الحدري , خليل (مرجع سابق) .
[38] ) توبين , كاثرين ( حلول علمية لمشكلات الآباء في تربية الأبناء ) ترجمة مكتبة جرير , الرياض , 2006م , ص 136 .
[39] ) رواه مسلم واللفظ له , باب نسخ الماء من الماء (1/271) , والترمذي بسند صحيح , باب ماجاء إذا التقى الختانان وجب الغسل (1/180) , وأحمد في مسنده بسند ضعيف.
[40] ) الحدري  , خليل ( مرجع سابق ) .
[41] ) السيوطي, جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر ( تاريخ الخلفاء) ط1 , ت حمدي الدمرداش , مكتبة الباز , مكة المكرمة , 1425هـ (1/124)
[42] ) الدويش , محمد بن عبدالله (مرجع سابق ) .
[43] ) الكسار , سمير ( العدل بين الأبناء مطلب حياتي ) زاوية الأسرة , موقع المربي http://www.almurabbi.com/DisplayItem.asp?ObjectID=1287&MenuID=2&TempID=1

[44] ) الطبري , محمد بن جرير ( تاريخ الملوك والرسل ) ط2 , دار التراث , بيروت , 1387هـ , (4/544)
[45] ) الحدري , خليل ( مرجع سابقة ) .